الخميس، 12 يونيو 2014

الرزق

ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين (سورة محمد-31)

ودعني أحدثك بقصة شاب كانت أسباب الدنيا مدبرة عنه وكان يتقلب من ذلك في حالة شديدة من الضنك، وزيادة في الابتلاء من الله عز وجل، كانت تواجهه فرص سانحة، الواحدة منها تلو الأخرى، أعمال من شأنها أن تفيده برزق وفير، غير أنها لم تكن أعمالاً مقبولة في ميزان الشرع، فكان كلما لاحت له منها فرصة جاء يسألني عن حكم الشرع في التعامل مع تلك الفرصة. ولقد كنت أقف من استفتائه بين الإشفاق الشديد على حاله من الضنك الذي يعانيه، وبين ضرورة الأمانة مع أوامر الله وأحكامه.. ولكن صدقه مع الله كان يشجعني على أن أقول له: إنك تستشيرني والمستشار مؤتمن، فلا يجوز أن أخونك من حيث أخون دينك الذي أراه غالياً عليك، إن هذا العمل الذي عرض عليك غير شرعي.. فكان يعرض عن تلك الفرصة السانحة ويواصل الصبر على بؤسه وفقره.
وتمر به بعد حين فرصة أخرى، ويعود فيسألني عن حكم الشرع فيها، وأنظر فأراها هي الأخرى ملغومة ومحرمة، فأعيد له الجواب ذاته، ويعود هو إلى الصبر ذاته، راضياً بحالته التي أقامه الله فيها بمقتضى ميزان شرعه.
فماذا كانت عاقبة صبره على تلك الحال؟
فتح الله أمامه نافذة إلى سبب نقي طاهر لرزق وافر كريم، من حيث لا يحتسب، انتقل بحكم ذلك إلى المدينة المنورة، وتزوج، ورزقه الله الأولاد وعاد فاشترى بيتاً فسيحاً في مسقط رأسه دمشق، ومن خلال تعامله الشرعي مع الأسباب أصبح يتردد بين مركز عمله في المدينة، وموطنه وملتقى أهله في دمشق.


للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق